من اخترع الكمبيوتر
غالباً ما يحتاج الإنسان إلى القيام بالعد والعمليات الحسابيّة لإتمام العديد من أعماله وأنشطته اليوميّة، إلّا أنّه غالباً ما كان يواجه مشكلة كبيرة في ذلك كونه لم تتوفّر لديه الوسائل والطرق الحديثة مثل الوسائل المتوفّرة في أيامنا هذه، لذا كان القيام بالأعمال في الماضي شديد الصعوبة، ممّا دفع الإنسان للسعي بشكل متواصل والبحث عن طرق ووسائل تساعده في عمليّات الإحصاء والحساب، فأوّل طريقة استعملها كانت أصابع يديه، وبعد ذلك استخدم الحصى للعد، ومن ثمّ اخترع المعداد، وفي مرحلة من المراحل كان الاعتماد على الجداول الورقيّة الضخمة والتي يصعب التعامل معها، وتوالت الاختراعات إلى أن توصّل إلى اختراع الحاسوب.
ويعتبر اختراع جهاز الحاسوب أحد نتائج عاصفة التطوّرات التكنولوجّية التي اجتاحت العالم بأسره، فالحاسوب هو عصب التطوّر كونه لم يترك مجال في حياة الإنسان إلّا وكان له أثر بالغ الأهمية فيه، كالدراسة، والعمل، وحتّى في التحكّم بالأجهزة والآلات الأخرى.
ويمكن تعريف الحاسوب على أنّه جهاز إلكتروني ذو دقّة عالية جداً، مهمته الأساسيّة هي استقبال البيانات الخام التي لا يمكن الاستفادة منها، والتي يتم إدخالها إليه، وبعد ذلك يقوم بمعالجتها ليحولها إلى معلومات قيّمة يمكن استخدامها والاستفادة منها، ليعمل بعد ذلك على تخزينها في ذاكرة التخزين، ويتميّز هذا الجهاز بقدرته العالية جداً على التعامل مع المسائل المنطقيّة والرقميّة بكل سهولة ويسر، وبسرعة كبيرة لا تتجاوز بضع دقائق أو حتى ثوانٍ معدودة، كما أنّه يمتاز بالدقّة العالية في حل جميع المسائل.
ويعود الفضل في اختراع جهاز الحاسوب إلى العالم البريطاني (تشارلز بابيج)، وهو عالم رياضي، وفيلسوف، ومخترع، ومهندس ميكانيكي، أكمل دراسته من جامعة كامبردج، وهو أوّل من صمم أوّل آلة حاسبة في ذلك الوقت وسماه (ماكنة الفروق)، وكانت فكرة هذه الآلة فريدة من نوعها لذا نالت اهتمام كبير من الحكومة البريطانيّة بحيث قدّمت له منحة ماليّة ليعمل على تطويرها، لكنّه عمل على إنفاق هذه المنحة الماليّة وقِسم من ثروته في صنع آلة جديدة أكثر تطوّراً وتعادل في قدرتها قدرة الحواسيب الحديثة، وكانت فكر (ماكنة الفروق) هي البداية لاختراع الحواسيب الحديثة، رغنم أنّها لم تكن تُستخدم في ذلك الوقت، وتوفي (بابيج) في عام 1871 قبل أن يعمل على تطوير هاتين الآلتين.
ولم تتوقّف التطوّرات في اختراع الحواسيب عند آلتي (بابيج)، ففي عام 1941 لمع نجم العالم الألماني (كونراد سوزه)، الذي كان له الفضل في اختراع أوّل جهاز حاسوب يمكن برمجته، كما أنّه كان أوّل جهاز يتعامل مع العمليات الحسابيّة والمنطقيّة بدقّة وبشكل أوتوماتيكي، ومن أهم مميزات هذا الجهاز هي إعطاؤه لنتائج صحيحة دوماً، لذا تمّ استخدامه من قِبل معهد أبحاث الطيران الألماني آنذاك، ليتم عمل التحاليل والإحصائيات اللازمة لأجنحة الطائرات.
وتوالت التطورات في مجال الحاسوب، بحيث قدم عالم الرياضيات الأمريكي "هوارد إيكن"جهازه الأول من نوعه "هارفرد مارك 1"، وكان هذا الجهاز بضخامة كبيرة جداً إذ وصل حجمه إلى 35 طن، وكان يحتوي أيضاً على 800 خيط سلكي، لكن بالرغم من ضخامته إلا أنه كان من أكثر الأجهزة دقةً، وكانت لديه القدرة للتعامل مع المسائل الحسابية حتى المنزلة رقم 23 بعد الفاصلة العشرية، لتتوالى إختراعات "إيكن " بعد ذلك ويقدم جهاز "هارفرد مارك 2"، وجهاز "هارفرد مارك 3"، لكن من أكثر غختراعاته التي لاقت نجاحاً باهراً لدقتها العالية هو "هارفرد مارك 4" وذلك بسبب مكوناته التي كانت بالكامل قطعاً إلكترونية.